انتصار الحجاب في تركيا بعد 90 عامًا من الحظر
أصبح القانون الذي يتدخّل رسمياً في حرية الملبس وأسلوب الحياة والذي شكّل مصدراً للتمييز والجور بين الناس، من التاريخ.. بهذه التغريدة على تويتر أعلن نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ إنتهاء حقبة من القمع العلماني للحريات الدينية في بلاده والتي بدأت منذ نحو قرنٍ من الزمان.
فقد دخل قرار رفع الحظر على إرتداء الحجاب في مؤسسات الدولة في تركيا حيّز التنفيذ، أمس، في إطار حزمة اصلاحات تهدف إلى تعزيز الديموقراطية، ونُشر قرار رفع الحظر عن الحجاب في مؤسسات الدولة في الجريدة الرسمية ما يُدخله حيّز التنفيذ.
ولا تقتصر هذه الإجراءات الإصلاحية على النساء، بل تشمل الرجال أيضًا بإعطائهم حرية إعفاء لحاهم، بإستثناء مؤسسات الجيش والقضاء.
ويأتي رفع الحظر بعد إعلان رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان نهاية الشهر الماضي عن حزمة من الإصلاحات لتعزيز الديمقراطية، وقال في خطاب أسبوعي أمام أعضاء حزبه العدالة والتنمية في البرلمان إن القوانين التي تتضمن قيودًا على مظهر النساء والرجال تعد إنتهاكًا وتمييزًا ضد حرية الأديان والفكر.
¤ عقود من معاداة الحجاب:
وفرضت العلمانية الإستبدادية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك حظرًا على السلوك الإسلامي ومظاهره، في حالة جليّة لمعاداة الهوية الإسلامية، وكان لحجاب المرأة نصيبًا من الحظر الذي تضمنه مرسوم حكومي عام 1925 ضمن مجموعة من الإصلاحات الأتاتوركية بمنع إرتداء ملابس لها مدلول ديني.
ودخل التضييق على الحجاب إلى مرحلة جديدة من التشديد الانقلاب العسكري الذي قام به الجنرال كنعان أيفرين عام 1980، حيث منع دستور الإنقلاب الصادر عام 1982 المحجبات من دخول سائر الجامعات والمعاهد والمدارس وباقي مؤسسات الدولة، مما دفع نحو 40 ألف طالبة محجبة إلى مغادرة البلاد لإستكمال دارستهن، وعرض المحجبات اللاتي تُقدر نسبتهن بـ65% من نساء تركيا إلى تضييق بالغ.
¤ إنفراجات متوالية:
ومع وصول حزب العدالة والتنمية ذي الخلفية الإسلامية بقيادة رجب طيب أردوغان إلى الحكم، شهدت قضية الحجاب إنفراجات متتالية، بدأت بظهور زوجة الرئيس السيدة خير النساء جول، وزوجات عدد من الوزراء في المناسبات المختلفة بحجابهن.
وفي عام 2008 نجح حزب العدالة والتنمية في تمرير مشروع قانون في البرلمان -بموافقة 411 صوتا من أصل 550 مقعدا- يسمح بإرتداء الحجاب في الجامعات، ولكن القوى العلمانية ناصبت القانون العداء ونجحت عبر المحكمة الدستورية العليا في إبطال مفعوله.
ولكن حزب العدالة والتنمية قام بتعديلات دستورية بعد ذلك لـ26 مادة أُقرت بعد الإستفتاء الشعبي عليها، تتعلق جلها بالجسم القضائي والمحاكم المدنية والحريات الفردية.
وقبل شهور إستعادت المحاميات في تركيا حق إرتداء الحجاب أثناء العمل بعد حكم من محكمة النقض أيد طلب محامية محجبة إعترضت على أحكام سابقة منعت إرتداءه في المحاكم منذ نحو 15 عاما.
وألغت الدائرة القضائية الثامنة في المحكمة الإدارية العليا، بأغلبية الأصوات، عبارة حاسري الرأس في المادة رقم 20، التي تنص على أن: المحامين والمحامين المتدربين يترافعون في المحاكم باللباس الملائم للمهنة حاسري الرأس.
وكان القاضي التركي -إلهان قاصي أغلو- قام بتأجيل المرافعة في إحدى الدعاوى المقدمة إليه عندما رأي أن المحامية التي تترافع أمامه ترتدي الحجاب، وذلك بالرغم من تعطيل العمل بقانون ضرورة عدم إرتداء المحاميات الحجاب أثناء المرافعات.
فقد فوجئت المحامية زبيدة قامالاق زوجة رئيس حزب السعادة أثناء قيامها بالترافع في قضية طلاق بمحكمة الأسرة الثانية بأنقرة بأن القاضي أجل نظر الدعوى المقدمة أمامه بسبب حجابها.
فما كان من المحامية إلا أن أبدت إستيائها للقاضي مذكرة أن مجلس الدولة ونقابة المحامين أوقفت العمل بقانون ضرورة عدم إرتداء الحجاب أثناء المرافعات.
ووسط إستياء علماني شديد رفعت الحكومة نهاية العام الماضي حظر الحجاب في مدارس التعليم الديني، وقال أردوغان حينها إن القرار جاء بناء على طلب الجمهور.
وقبل نحو عامين وُضعت تعديلات جديدة على اللوائح الخاصة بملابس العاملين في شركة الخطوط الجوية التركية، حيث ألغيت المادة التي تقول: يجب الكشف عن الشعر بصفة دائمة خلال العمل، وهو ما يسمح للموظفات المحجبات العمل بحجابهن بالشركة الجوية.
الكاتب: مي عباس.
المصدر: موقع صيد الفوائد.